أخبار
 
بيلوغرافيا
سيرة قلمية
نصوص
اصدارات
شهادات في التجربة
أقواس قزح
دراسات
مقابلات
مقالات
صور
سجل الضيوف
العنوان
مواقع اخرى
صوت
فديو
 
 
فتراءى لي أن النورس هو الشاعر، والشمس هي القصيدة، فالصائغ هو الربّان الذي يمسك بدفة القصيدة المترعة بألوان العالم فيرسل خيوط ضوئها مبتلة بماء الشعر إلينا.
كُتبت قصائد هذا الديوان بحس شعري تتعالى منه تنهدات الوجع الإنساني المحمل بالقلق وبالسؤال... على الرغم من أن القصائد قد بُنيت بمستويات شعرية متفاوتة، لكن هذا التفاوت تنتظمه بنية واحدة قائمة في نسق التمرد.
سوف لن أتحدث عن النصوص المدهشة التي تُنادي عليها شعريتُها، إنما سأشير إلى تلك النصوص التي كُتبت بلغة نثرية أقرب إلى التقريرية، فيها أقول: إن النقد الحديث يرى في موت المؤلف، ويُحلّ محلّه الذات الكاتبة، بيد أني أجد في هذه النصوص الصائغ حاضراً، وهو الربّان الذي يقود القصيدة، وبوصفي قارئاً (ملاحظاً) أقف على البناء الكلي لهذه النصوص، فأراني راحلاً إلى منابتها الأولى، حيث (الخافية) التي أتت منها الفكرة والكلمات البانية لها، فألقاني حاضراً في أتون هذه النار التي تبدو وكأنها الأزل حيث تقذف بذواتنا إلينا قائلة: (هذه الحياة التي تحيوون)؛ فتنبثق الشعرية من واقعية مدوفة بالقلق الإنساني الذي نحسّه ولا نستطيع التعبير عنه بغير هذه اللغة التي تجعلنا والواقع المعيش ذاتاً منصهرة في بوتقة الشعر. ولا أدري أين مكمن السر هنا؟ أو أهو سرّ أم سحر؟ أستطيع أن أقول إن الشاعر الذي كتب هذه النصوص هو شاعر محترف يمتلك تقنية الكتابة الشعرية، ويتلمس مظانها التي ستكون في وعي المتلقي، ينكشها بعبارات تُخفي أكثر مما تظهر، وإن كانت شاخصة أمام القارئ. هذا واحد من مكامن السر الذي يحتضن الكتابة الشعرية التي أثثت فضاءها بين يديّ أنا المتتبع لمكامنَ أخرى في وعي الكتابة الشعرية عبر ثنائيات تتدفق وهي تناوس حضور الشكل والخطاب المتجسدين في لعبة الأسود والأبيض، الفراغ المملوء، التقطيع، الخط الطباعي، والعلاقات البكماء التي ستغدو ناطقة وأوّل إغماضة عين تُتلمس فيها خارطة الوجع الشعري، ثم تَنْهَدُ في كلّ مرة، أو بين آونة وأخرى أمكنةٌ تتبعثر على أرصفة الكلمات تؤسس وعياً آخر ينهض هو الآخر من جرح تشظي الذات الكاتبة الموزَّعة على عتبات خارطة العالم الموزع بين الماء واليابس، وهذا ملمح يدلّ على غربة الشاعر واغترابه حيث يكون الزمن الشعري صنواً لهذين (الغربة والاغتراب)، أزمان وجودية تعيشها الكتابة والقراءة، وفي هذا الآن ينوجد الشعر. 
إلى هذه العتبة أوصلتني المصاحبة الأولى لهذا الديوان الذي يبدو نشيداً ابتهالياً قائماً على شطآن الغربة الوجودية للكتابة الشعرية التي تتجلى فيها الذات الكاتبة وهي تحيا حالة الاغتراب الوجودي. هذان (الغربة والاغتراب) يدعوان القارئ إلى النزول هنا في هذا المنبت الشعري؛ ليقرأ خارطة وجعه، ثم يضع إصبعه في مكمن هذا الجرح، ينكؤه ليندمل

 

 
البحث Google Custom Search