أخبار
 
بيلوغرافيا
سيرة قلمية
نصوص
اصدارات
شهادات في التجربة
أقواس قزح
دراسات
مقابلات
مقالات
صور
سجل الضيوف
العنوان
مواقع اخرى
صوت
فديو
 
 
محطة حبر

أيام في القاهرة - 9-

علي الدميني

هذه
الليلة قررت ان احرن '، لم اقصد ذلك برغبتي ولكن حمار الشيخ وقف في عقبة الباحة، سيضحك الدكتور سعيد بن فالح، وسيغضب مني بعض الاصدقاء لهذا التعبير الذي يحيل القارىء الى احد عناصر البنية الثقافية الموروثة والتي ربما تعود في قدمها الى العصور البدائية وتحديداً مراحل الطوطمية وعلاقة القرية بأحد جدودها ، وسوف يسخر مني عبدالعزيز مشري قائلاً: فشلتنا يا سعيد'
لا يهمني ذلك فلم أتقصده وانما الامر حدث هكذا,, مجرد تداع للخواطر المغمورة بالماء قادتني لأن احرن وأتوقف عن الكتابة في سياق ايام في القاهرة وأجعل التوقف فاصلاً اعلانياً ,
قد يبدو هذا مستغرباً او مستهجناً او اعلاناً عن عجز المواصلة او عن قلة الشجاعة في المكاشفة,, قد,, وقد' وهذا ليس مهماً' إنما المهم هو: لماذا لا يكون من حقي ان اقدم لكم فاصلاً اعلانياً او فاصلة كما يصنع استاذنا محمد العلي في زاويته بجريدة اليوم,
يا اخي اعتبروني ، او القنوات الاخرى ولكن لا تتوقعوا ان تروا ما يختلسه الزوج من لقطات جمالية هنا او هناك من وقت الجلوس مع زوجته، ولا تتوقعوا دعوة للنزهة الى احد المنتجعات حيث حمامات السباحة وطيور الغوص وأحلام المشاهدين,
الموضوع جاء حتم انفه، فحين كتبت الحلقة التاسعة من مسلسلة وضحى وابن عجلان اقصد ايام في القاهرة تحدثت فيها عن صديقي س,ج,ع الذي دعاني لحفلة في شقته، وعن لقائي بالشاعر هشام قشطة صاحب مشروع مجلة الكتابة الاخرى حضرت بقوة رغبة الكتابة عن مجلة الجسر وهنا اعرف انكم تتطلعون باهتمام لمتابعة هذه الكتابة التي لم تحظ به اي زاوية من كتاباتي من قبل ليس تقديراً او توقعاً لإضافة معرفية خارقة، وانما للبحث عن ما خلف السطور من اسرار صغيرة ومشتهاة عبرت عنها بشيء من الوضوح في الحلقات الماضية,, ولذلك,, ولكل ما لم اقله سوف احرن هذه الليلة، لأكتب عن مجلة جسور التي ارسلتها لأكثر من صديق لكي يكتب عنها خبراً او تعليقاً، بل انني كنت اوغل في الحلم فأتوقع من هذا الصديق او ذاك ان يسهب في قراءة محتويات المجلة وان يضيء موقعها وأهدافها فلم يفعل اي منهم, ويبدو لي ان الحق معهم حيث تناسيت في هذه المعمعة امرين مهمين اولهما: ان الناس لا يشتركون في نفس الاحاسيس وأن المشاعر ذاتها لا يمكن ان تعاش مرتين، وثانيهما: انني املك زاوية رعوية او بدوية متنقلة استقرت اخيراً في جريدة الجزيرة الغراء وأنها، رغم انقاطاعتها التي طغت على استمراريتها، ستسمح لي بالتنويه بهذه المجلة او الاشارة الى هدف سام تتغياه وهي تصدر في السويد, هناك حيث يكون النهار طويلاً طويلاً كليل العراق، وحيث تكون ارادة الانسان في تحقيق معنى وجوده اكبر من كل العقبات سواءً كانت عقبة الشيخ او عقبة الغربة او عقبة شح الامكانات المادية القارسة كجليد الشمال,
دعوني اقدم كلماتي وقد حرن حمار الشيخ في الرمل، كفاصل اعلاني, لنتصور شاشة كبيرة معتمة وما تلبث مشاعل بعيدة صغيرة كرؤوس النمل ان تحاول اضاءة مربع صغير من رقعة الشطرنج، وليكن ذلك المربع في شمال الجليد، وشمال النسيان، ولكن العواصف تلعب بذبالة المشعل يمنة ويسرة بل وتكاد ان تقتلعه من جذره, وفجأة تطل من مشعل صغير في الركن القصي لوحة تقول الجسر صوت عربي في شمال العالم وتصدر في السويد,
كانت الموسيقى الحزينة من ايقاعات دربكه الاهوار العراقية وأصوات شعوب الحضارة الراسخة المبتلة بالماضي تنبعث شجية مشروخة من الجزء الاقصى من الشاشة وهي تحمل بحة غناء الرافدين والشجن الذي يتقاطر من الشاشة,
الليلة اتذكر عدنان الصائغ الشاعر العراقي المهاجر او المسافر او الهارب من عنف القمع في العراق الى سواد المطاردات من عمان الى بيروت والسويد، وأبصره يكتب شظايا قصيدته الملحمية الباذخة نشيد اوروك وهو يرسل لي اعداداً من هذه المجلة ويدعو عبري الاصدقاء هنا للكتابة للمجلة والاشتراك فيها، ولأنني كنت منشغلاً، لا ادري بماذا, لم اكتب شيئاً عن هذه الدعوة واكتفيت بابلاغ الاصدقاء بها او دعوتهم للكتابة للمجلة او عنها,
واذ يحرن الحمار في العقبة، فلا عتب على الطريق ولكن العتب على الراكب، واذ اؤجل الكتابة عن ايام في القاهرة اشعر ان ذلك يستحق تقديراً للحمار الذي توقف ، لي وللريشة التي ارادت ان تستريح فاشتعلت وهي ترى الاعداد الدائمة الصدور شهرياً من عاصمة السويد لتؤدي رسالتين: التقاء الاصدقاء في مالمو حول معنى ثقافي يخاطبون الاخر به، والتقاء اخر يجمعهم بأنفسهم يقاومون به الموت في المنافي البعيدة حتى وان تعب المركوب في قطع الجبال النائية,
الليلة قررت ان احرن وأنا كالخفافيش لا اكتب الا في الليل ولا اتذكر ما يجب علي ان افعله الا في هزيعه الاخير، فتوقفت امام الجسر المجلة الثقافية الشهرية التي تعبر عن نفسها بأنها صوت عربي في شمال العالم ، وهي بتواضع عميق لا تدعي بطولة التعريف او بأنها الصوت، ولا تندب نفسها كنائية الغريب في مفازته وانما ترى الى موقعها والالحاح عليه كصوت في جوقة الاصوات الاخرى المنهمة برسالة التواصل والتعارف رغم كل ما يعوق حلمها الصغير عن التحقق او الاستمرارية,
و الجسر مجلة تصدر وبامكانات متواضعة لكنها طموحة, بجهد مجموعة من المثقفين العرب هناك، ويرأس تحريرها الدكتور/ كاظم الموسوي الذي يشرف عليها منذ اكتوبر 1994 والذي يأمل في حمل رسالة الهوية المنتمية لتاريخها والمنفتحة على جسور التواصل مع الذات والاخر، يقول في افتتاحية العدد الصادر في فبراير الماضي ان قضية دعم المطبوع العربي في المنافي تتطلب تحمل المسئولية، بدءاً من ابناء الجالية العربية والاسلامية، الواعين والمهتمين فعلاً بأصالتهم وهويتهم الثقافية والحضارية، والمؤسسات الثقافية والاثرياء العرب، وحتى من الجامعة العربية والمؤسسات الثقافية العربية في الوطن الام لأن التحديات ليست قليلة وان المسئولية ليست محصورة بمطبوع واحد، او اتجاه واحد او مجموعة واحدة , وفي ركن اخر من هذه الصفحة يطلب القائمون عليها من القارىء الوقوف مع مشروعهم المهدد بالموت,
في هذا العدد وعلى الصفحة اليمنى في ظهر الغلاف صورتان لمسودات قصائد بدر شاكر السياب بخط يده، الاولى: شناشيل ابنة الجلبي و الثانية إرم ذات العماد وفي داخل العدد صورة اخرى لرسالة لم تنشر من قبل كتبها السياب لأحد اصدقائه في الشام الذين شجعوا بداياته وتجديده وقد قرأها وعلق عليها عدنان الصائغ واستل عنوان الكتابة من الرسالة الجبال لم تفرح بآلاف الشموس التي اشرقت عليها ولم تحزن لأن آلافاً من النجوم قد انطفأت وتلك هي ارادة الحياة التي تنغمر في اليقين وفي رعشات الحنين الذي لا يموت,
الليلة كتبت هذا الفاصل الاعلاني وعندها خفتت شموع الشاشة وهبط صوت الايقاع الى صمت الغروب وبدأت لحظة الاظلام والنهاية، وهناك رأيت مجلة الجسر وهي تفتح ملف اصدارات الجيب في العراق، وتقدم مختارات لبعض اصوات الشعر الجديدة وتبرز اخر حروف اعلان اليوم كسطر من قصيدة يقول: ايها الموت، سنعلقك كتذكار ,
اطالت الراحلة وقفتها ولكني لن انسى ان اكتب على غروب الشاشة قبل استئناف المسلسل من جديد والتحدث عن ورده ، و س,ج,ع ، وهشام قشطة، بخط واضح عنوان المجلة في السويد وأذكر بأن الاشتراك السنوي هو 50 دولاراً، وحتماً يمكنكم اضافة ما تشاؤون لهذا الرقم الصغير,
BRON- ALDJISR
10032BOX
MALMO- 20043 S
SWEED
040 971871TEL
040 977798FAX
ولكم مني ومنهم ما يستحقه الحلم من متع المكابدة,


صحيفة الجزيرة
 
البحث Google Custom Search