أخبار
 
بيلوغرافيا
سيرة قلمية
نصوص
اصدارات
شهادات في التجربة
أقواس قزح
دراسات
مقابلات
مقالات
صور
سجل الضيوف
العنوان
مواقع اخرى
صوت
فديو
 
 
متحدثا عن راهن الثقافة العراقية

الدكتور ضياء خضير:
عاتبني وزير الإعلام الأسبق  قائلا : لماذا أزعجت الرئيس؟
* عاشت مدينتي (الشطرة) في زمن البعث أقسى أيامها

حاوره: عبدالرزاق الربيعي

عندما يتحدث الدكتور ضياء خضير عن الراهن الثقافي العراقي فانه ينطلق من معايشة يومية امتدت أكثر من ثلاثين سنة بدأها صحفيا في مجلة ( ألف باء ) وكاتبا وباحثا ومتابعا لدوريات عراقية وعربية , حتى عندما غادر العراق إلى فرنسا لدراسة الأدب المقارن وللحصول على دكتوراه الدولة من خلال أطروحته ( المسرح العراقي وتأثير المسرح الأوروبي 1880-1987) ظل متواصلا مع الوسط الثقافي العراقي , وقد توج  متابعته هذه في كتابه ( شعر الواقع وواقع الكلمات – دراسة في الشعر العراقي الحديث ) الذي صدر في دمشق 2000 , كتب القصة وله ثلاث مجاميع قصصية منشورة ( الرجال والشمس ) (نسر بين جبال الثلج ) ( الأميرة والشيطان ) والأخيرة نشرت باللغة الفرنسية عام1988 في باريس , وله رواية اسمها ( التجربة ) أخرجها للسينما فؤاد التهامي عام 1978 , وكتاب عن الفنان علاء بشير ( الحوار بين الحلم واليقظة ) 2000بالاضافة إلى العديد من الكتب والدراسات النقدية والبحوث , حاولنا في هذا الحوار حصر حديثنا في راهن الثقافة العراقية ,وما عانته من وهن في السنوات الماضية , وآفاقها الجديدة باعتباره واحدا من نقادها ومتابعيها .  

  • يرى البعض إن المشهد الثقافي العراقي  اليوم  يعاني حالة من التشظي  , أفرزت  عن انقسامه إلى: أدب الداخل وأدب الخارج, كما يردد البعض , كيف تقرا هذا المشهد  بشكل عام ؟

  • - لنعترف بحقيقة أولى وهي : إن هنالك عراقيي الداخل وعراقيي الخارج من المثقفين , وإذا تحدث البعض عن الشتات العراقي على انه يمثل جانبا سلبيا فإنني أستطيع أن أتحدث في الوقت نفسه عن جوانب ايجابية تضيف لهؤلاء المثقفين الذين اضطروا إلى مغادرة وطنهم تجارب وخبرات وربما لغات هم بأشد الحجة إليها , أما مثقفو الداخل تابا وشعراء وقصاصين فيخطيء من يظن إنهم جميعا هادنوا النظام وسبحوا بحمده حتى إذا كان بعضهم مضطرا أحيانا إلى أن يبيع شعره ويتكسب به ليعيش ولذلك فانا أشير هنا إلى حقيقة هي إن أولئك الذين كتبوا ضد النظام وفي صحفه أحيانا كانوا من الكثرة بحيث إن الأمر لم يكن يخفى على احد , ولكن الإشارة الشعرية والاستعارة ولرمز كانت دائما قابلة للتأويل بأشكال مختلفة , ولكن الحصيلة النهائية للقراءة لابد أن يخلف إحساسا بمقدار المرارة التي كان هؤلاء يعانون منها ويحاولون التعبير عنها .
    هنالك في الوقت الحاضر تشوش في الرؤيا ومزاعم كثيرة واتهامات متبادلة وأنا أظن إن الفرصة قد حانت بعد سقوط الديكتاتور لان نصفي حساباتنا نحن المثقفين العراقيين ونتفق على كلمة سواء يكون الإبداع عنوانها الرئيس , ومع ذلك إننا بحاجة ماسة إلى نوع من التصفية النقدية والغربلة التي تنفي عن المشهد الثقافي العراقي كثيرا من الدخلاء والمزيفين من الذين ركبوا الموجة الأخيرة ورفعوا أعلاما عالية لم يكتب عليها شيء غير الفراغ والإحساس بالنشوة المزيفة , نحن بحاجة إلى أن نستمع إلى بعضنا وان نرمم ما مسه الخراب في أرواحنا وعقولنا منذ فترة طويلة , أن نكون عراقيين ومثقفين معناه أن تكون بيننا كلمة سر تجعل الواحد منا قادرا على أن يفهم الأخر دون حساسيات مفرطة ودون آراء مسبقة ودون قناعات جرى تشكيلها ولا تتغير إن الواقع فيه ألوان كثيرة وإذا لم نكن نحن المثقفين العراقيين قادرين على أن نفهم بعضنا ونسامح بعضنا أيضا فلن يفعل ذلك احد آخر غيرنا

  • لكن البعض يحسبك على النظام السابق , رغم إن مجال اشتغالك النقدي بعيد عن التسبيح بحمد النظام , ما الذي يجعل هذا البعض يصنفك بهذا لشكل ؟

  • - أريد أن أقول لك حقيقة يتجاهلها الكثيرون وهي : إن العيش في ظل أوضاع محددة معروفة يتطلب أن يدفع الإنسان ضريبة ما سواء في علاقاته أو بعض كتاباته ولعل أصدقائي يعرفون جيدا إنني لم اكتب شيئا أبدا في التسبيح بحمد النظام السابق , وتلك كانت نقطة يعاتبني عليها بعض أصدقائي , وحينما كنت في اتحاد الأدباء عاملا في هيئته الإدارية قبل خروجي من العراق عام 1998 لم أتوان أبدا عن الدفاع عن أصدقائي الأدباء الذين كنت أحس أحيانا ألا ذنب لهم سوى كونهم غير بعثيين , ويعرف أصدقائي كذلك إنني دخلت في معارك أدبية مع بعض الشعراء والأدباء البعثيين ذوي السلطة والنفوذ , ولم أتراجع عن قول ما أؤمن به أبدا .
    ومن يقرا كتابي ( التشكل التاريخي الكاذب ) الذي نشرته دار الكرمل بعمان عام 1996 يعرف ذلك , بل ربما كنت الوحيد من الأدباء العراقيين من تكلم مع الرئيس السابق في إحدى المناسبات التي جمعته مع بعض الأدباء والمثقفين بعد حرب الخليج الثانية بطريقة أثارت الكثيرين وجعلت وزير الإعلام يرسل في طلبي ويسألني : لماذا أزعجت الرئيس ؟
    تلك واقعة يعرفها أكثر من 25 شخصا حضروا ذلك الاجتماع , وهي مسجلة تلفزيونيا , على الرغم من أن اللقاء لم يبث في حينها بسبب من كلامي ,وعلى الذين يحسبونني على النظام أن يتذكروا كذلك شهادتي أمام اتحاد الأدباء العراقيين في يوم الانتخابات التي جرت عام 1996 وسببت في إجراء تحقيق معي لأني طالبت أن نثار لكرامة هذه المؤسسة العراقية العريقة من أن يأتيها أناس ليسوا بالمستوى المطلوب.
    نعم صحيح , ربما كنت اختلف عن آخرين في أني لم ارم ِ بلدي العراق بالحجارة واشتمه حينما صرت خارجه , لأني اعتقد إن موقف الدفاع عن البلد أمام الآخرين وحماية بيضته من المتصيدين بالماء العكر والمتلونين بألف لون ولون , يختلف عن موقف شتمه واختصار كل ما فيه ومن فيه بشخص واحد أو مجموعة أشخاص .
    لم أكن قد تهالكت في مدح النظام أو الحزب – حينما كنت في العراق –ولم أكن كذلك قد أظهرت وجها آخر كما فعل كثيرون نعرفهم جميعا ,حينما غادرت البلد وقدمت استقالتي من الحزب

  • هل هناك براهين تؤكد صدق كلامك هذا ؟

  • - لقد اعدم جلاوزة النظام بعض أقربائي وعاشت مدينتي ( الشطرة ) في ظله أسوا و أقسى أيامها , وهرب أخي الذي كان مدرسا في مدينة البصرة  منذ عام 1976 لأنه كان شيوعيا, وبقي خارج العراق حتى هذه اللحظة , والمهم إنني لم اشعر في أية لحظة داخل العراق أو خارجه بأنني لم أكن اعبر عن نفسي و قناعاتي الذاتية , و إنني كنت و سأبقى عراقيا.

  • بأي معنى ؟

  • - بمعنى إنني اشعر و أحس بما يشعر به سواد الناس وعامتهم لأني واحد منهم , وأنا واثق انه سوف لا يبقى في الوادي غير حجارته كما يقول المثل الجزائري.

  • هل وضحت هذا اللبس من قبل في كتاباتك ؟

  • - لقد قلت مرة في كتاب نشر لي في (دمشق ) عن الشعر العراقي , إنني اكتب هذا الكتاب وأنا اشعر إننا ضحايا تاريخيون لهذا النوع من الكلام البعيد قليلا عن الواقع , مازلت أتذكر هذه الكلمة وأتمثل تاريخنا كله من خلالها , فمنذ أبينا الكبير المتنبي وحتى حسب الشيخ جعفر و عدنان الصائغ و عبدالرزاق الربيعي مرورا بالزهاوي والرصافي والجواهري الكبير , فنحن نعالج قضايانا بطريقة شعرية أحيانا حتى ما هو بعد عن الشعر فيها , ولذلك أرى بان قدرا من الواقعية وتلمس جغرافيا العراق وتضاريسه البشرية والطائفية أمر ضروري لكي نعرف أنفسنا ومواقع أقدامنا .

  • وكيف ترسم ملامح المشهد الشعري العراقي ؟

  • - لا اكتمك يا أخي عبدالرزاق إن من الصعب تقدير المشهد الثقافي العراقي لتعدد الأسماء والأزمان واختلاطهما , ولعل من الملاحظات  الأساسية في هذا المشهد انه بعد غياب الأسماء الكبيرة منذ السياب والجواهري والبياتي وبلند الحيدري لم يعد هناك ما يفاجئنا شعريا , ولعل افتقاد الساحة الشعرية العراقية إلى اسم كبير يمثل البؤرة التي توجه إليها الأضواء وتصدر عنها أن يمثل واحدا من المشكلات الكبرى التي تعاني منها فوجود شاعر كبير وروائي كبير يعني على نحو ما وحدة عقلية وإبداعية للوطن والأمة  بكاملها , لقد كان السياب قادرا هو والجواهري والبياتي وسعدي أن يصنعوا شيئا من ذلك حتى إذا لجأ البياتي وسعدي في تجاربهما الأخيرة إلى أن يكررا نفسيهما أو أن يقولا نصوصا وأشياء غير قادرة عل إقناع البعض نسبة إلى ما عرفوه أو قراوه لهما سابقا
    ولعل من المفارقات الدالة إننا نحتاج إلى مثل هذه الشخصية الطاغية التي نتفق عليها في الأدب كما نتفق عليها في السياسة وواحدة من مآسينا إن الديكتاتور لم يخلف في السياسة غير أقزام.
      
  • هل تريد القول إن ديكتاتورية الأدب التي تربع على عرشها أو حاول أن يتربع على عرشها شعراء وأدباء لم تخلف غير شعراء صغار ؟

  • - ليس بهذا الشكل , لكنني واثق من إن الأيام حبلى وواعدة بالكثير الكثير فيما يتصل بالأدب العراقي بل إنني اعتقد أن نهضة الأدب العربي كله , إذا كان له أن ينهض يوما , مرتبطة بالترياق الذي يأتي من العراق , إننا نقول ذلك ولا يغيب عن بالنا أبدا الجهود الإبداعية والتجارب الجادة التي تحصل عليها العديد من الشباب العراقي والذي اكتهل بعضه الآن وصار قادرا على أن يعيد النظر في كثير من تجاربه لينتج ما هو أكثر قدرة على الصمود بوجه الزمن والنظرة النقدية الفاحصة ,

  • تؤكد  في دراساتك على المنهج التكاملي, كيف تفسر اختيارك لهذا المنهج دون سواه في قراءتك للتجارب الإبداعية؟  

  • - المنهج التكاملي لا ينفصل فيه البحث عن شكل النص وطريقة نظمه وأفعاله السردية عن الأفق التاريخي العام الذي يتشكل فيه , وربما استوجبت بعض الأعمال توسيعا لهذه الناحية أو تلك بحسب مقتضيات النص وطبيعته ,نحن الآن نعيش , كما أرى , مرحلة نقدية وفكرية تختلف عن تلك التي عشناها قبل سنوات قليلة خلت , حيث مارس كثير من المثقفين العرب نوعا من الهرب إلى الأمام عن طريق التزامهم المبالغ فيه قليلا ببنية النص وتشكله اللغوي وفقا للمناهج البنيوية السائدة .لقد تراجعت موجة البنيوية الآن , ولم تعد قادرة على أن تقدم المزاعم نفسها التي قدمتها بالأمس القريب في بلد مثل العراق والمغرب بشكل خاص , وذلك يحدث ليس فقط لان موجة هذه البنيوية قد تكسرت في المواقع التاريخية الغربية التي انبعثت منها في أوروبا وأمريكا , وإنما أيضا لان الانكسارات الدراماتيكية التي واجهت المثقف العربي في كل مكان وطأته قدماه في أرضنا العربية وفي المهاجر وما حدث في العراق ليس بالمثال السهل هو العلامة الفارقة في كل تاريخنا الحديث والتي تظهر إن كثيرا مما قلناه وفعلناه كمثقفين كان مؤسسا على كذبة , ولنرجع قليلا إلى قضية البنيوية لنذكر بان البنيوية والنقد البنيوي الذي شاع في بعض المراكز الثقافية العربية على نحو اكبر من غيرها كان راجعا إلى أن هذا النقد لن يستطيع في مصر على سبيل المثال إن يتجاوز الكتلة التاريخية التي صنعها التراكم النقدي والفكري الذي تحقق في مصر خلال سنوات النصف الثاني من القرن العشرين بشكل خاص , ولذلك لم يكن احد من النقاد المصريين قادرا على أن يخرج البنيوية للناس كما يخرج الحاوي أرنبا اعني أن ينطلق فيها من نقطة الصفر التي يلغي ما بعدها كل الذي قبلها , وهذا هو الذي حدث مع الأسف عندنا في العراق أحيانا

  • وكيف ترى واقع النقد العراقي ,هل طاله مطر السوء الذي تساقط على جسد الثقافة العراقية أسوة ببقية المشهد خلال السنوات  المنصرمة ؟

  • - هنا لابد أن  أشير  إلى حقيقة وهي : إن القصيدة الكلاسيكية العمودية التي تجند بعض أصحابها للتسبيح بحمد النظام طيلة عقود ثلاثة لم تثر أية اهتمامات نقدية , وان الشعر الحديث حقا كان هو مدار هذه المساءلة لأنه كان يمثل بالفعل الحساسية الشعرية القائمة  , وبذلك حصن النقد العراقي نفسه من كل الأوبئة .

  • مارست الكتابة القصصية والروائية وكتبت عن المسرح والتشكيل والشعر والقصة , ما تفسيرك لهذا التوزع ؟

  • - إن المثقف الحقيقي إما أن يمتلك الأدوات كلها بانطوائه على جذرها وأما أن لا يمتلك شيئا منها , وأنا لا ازعم إني امتلك مثل هذه الأدوات , ولكني اشعر إن الباحث والناقد حينما يواجه قضية أو موضوعا ينبغي أن ينسى اهتماماته الأخرى أو انه يوجهها كلها لتصب في أطار الموضوع الذي يعالجه, وقد لا اكشف لك عن سر إذا قلت لك أن الناقد سيكون أكثر قدرة على تلمس المشكلات الخاصة بكتابة الشعر والقصة إذا كان هو نفسه قد عاناهما على الأقل  ومارس الكتابة فيهما على الأقل في فترة من فترات حياته , وتلك حقيقة لا ينبغي بها أن ترجع بنا بالضرورة إلى مربع المبدع الفاشل الذي جرب شيئا ولم ينجح فأدوات الناقد في الوقت الحاضر لم تعد بسيطة ومهمته ليست الشرح أو التعليق على المتون الشعرية والنثرية , وإنما هي مهمة فكرية ولغوية وأدبية متكاملة

  • لاحظت في كتابك, كما الآخرون ,  عن ( غالب هلسا ) الذي حمل عنوان (حكاية الصبي والصندوق ) موضوعات علم النفس ومصطلحاته التي طرحتها  بطريقة المتخصصين العارفين هذه المجالات, وبذلك  طغى  المنهج النفسي على دراستك   ,أليس كذلك ؟

  • - كما قلت لك إن الثقافة المتكاملة تمثل شرطا من شروط الإبداع النقدي إذا صح  أن هنالك إبداع في النقد, وحين بدأت بهذا الكتاب  كنت مأخوذا بما يمكن أن اسميه الكشف عن حقيقة المبدع من خلال نصه دون إهمال الجانب الشكلاني , ولذلك ازعم أن الدراسة تمثل منهجا تكامليا , وقد استخدمت بعض مصطلحات علم النفس لان موضوع الدراسة وطبيعتها تطلبا ذلك

  • وهل يمثل النقد من وجهة نظرك إبداعا ؟

  • - نعم , ولا يختلف هذا الإبداع إلا في الدرجة عن أي إبداع آخر , أنت لا تستطيع أن تمارس عملية النقد , على سبيل المثال , دون أن يكون لديك ما تقوله حقا عن النص المنقود , وذلك لا يشير فقط إلى أن النص النقدي تالي في الترتيب للنص الإبداعي , وإنما أيضا إلى هذه العلاقة التي يجد فيها الناقد نفسه في النص وهو يكشف عن تضاعيفه ويكشف بعض أقنعته , وأنا أجد أحيانا متعة في قراءة بعض النصوص النقدية لا تختلف عن تلك المتعة الروحية والعقلية التي أجدها وأنا أواجه نصوصا إبداعية حقيقية سواء في الشعر أم في القصة أو في ما يمكن أن نسميه الآن بالنص وهو أفق مفتوح تتداخل فيه العناصر النثرية والشعرية , النقدية والإبداعية في وقت واحد

  • منذ سنوات لم تكتب قصصا ولا قصائد ,  لماذا ؟

  • - كتابة القصة والرواية تحتاج في تقديري إلى استعداد خاص وليس فقط إلى وقت ومراقبة ذاتية لاكتمال التجربة وتطور نضجها , إن العمل الأكاديمي المباشر في التدريس والمحاضرة ثم الكتابة عن الأعمال ومحاولة ملاحقة ما يصدر منها عمل ليس سهلا ولكن لا اكتمك أن إحساسي وأنا أمارس الكتابة النقدية لا يختلف أحيانا عن إحساسي وأنا اكتب قصيدة أو قصة , ذلك لان الأمرين يشعرانك بأنك تنجز شيئا يشبه الولادة الحقيقية .

  • سئل ابن قتيبة , ما منعك من قول الشعر ؟ فأجاب : علمي بصناعته ؟ فهل توافقه على هذا ؟

  • - لقد ثبت لنا أن العلماء  هم أسوا الشعراء في ثقافتنا العربية , بل هم كذلك في الثقافات كلها , وذلك أمر  لا ينبغي أن يعيبهم بما إنهم علماء

  • ماذا تعني ؟

  • - اعني إن اهتماماتهم ذات طبيعة عقلية واجتماعية لها قواعد وأصول غير موجودتين في الإبداع أو انهما غير موجودين بالشكل الذي نعتقده , هناك دائما منطقة سرية هي التي تمثل محرك الاحتراق الداخلي التي نراها أحيانا ونحس بها ولكننا لا نستطيع الاقتراب منها او تفسيرها تفسيرا كاملا , خذ شاعرا مثل أبي تمام واطرح السؤال : لماذا كان في حماسته اعني تلك القصائد التي اختارها في هذا الكتاب المهم في تاريخ الاختيارات الشعرية مختلف كل الاختلاف عنه في شعره , ولعل في هذا مثالا على أن معاناة الإبداع تختلف عن معاناة البحث حتى لدى الشاعر الواحد نفسه.


    (*) نشر في صحيفة الزمان لندن ع 1588 في 20/8/2003 ص 11 أضواء/  وفي موقع كتابات 20-8-2003
     
    البحث Google Custom Search