أخبار
 
بيلوغرافيا
سيرة قلمية
نصوص
اصدارات
شهادات في التجربة
أقواس قزح
دراسات
مقابلات
مقالات
صور
سجل الضيوف
العنوان
مواقع اخرى
صوت
فديو
 
 
كتابات عن الكتب والأنباء وأوجاع العراق

الوطن ـ عزمي خميس
- عمان -

لا يدل على المبدع غير ابداعه هذا صحيح‚ لكن الاكثر صحة‚ ان حقيقة المبدع لا يمكن الاحاطة بها الا اذا عرفنا ماذا يقرأ‚ وكيف يقرأ‚ وكيف تفاعل مع ما يقرأ‚ كيف يقيم الاصدقاء‚ والادباء‚ كيف ينفعل مع احداث حياته‚ وحياة امته‚ ومصائب اصدقائه‚ وهذا بالضبط ما نطلع عليه في كتاب عبدالستار ناصر الصادر حديثا عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر بعنوان «باب القشلة» كتابات في الرواية والشعر والمكان‚ وهذا الكتاب الجيد هو الجزء الثاني من كتابه الذي سبق ان اصدره بعنوان «سوق الراي» والذي جمع فيه مقالات كتبها عن كتب قرأها‚ وعن اصدقاء عاش معهم‚ ومبدعين قابلهم‚ وامكنة زارها وتركت اثرها في نفسه ووجدانه‚ هذا الكتاب‚ كما يقول في المقدمة‚ اجمع فيه شلة رائعة من الشعراء والروائيين وكتاب المذكرات‚ احكي فيه عن اصدقائي واساتذتي واقراني من المبدعين‚ افتح باب بيتي وقلبي امام فاضل العزاوي‚ وعدنان الصائغ‚ وعبدالرحمن مجيد الربيعي‚ ودنيا ميخئيل‚ وعبدالرزاق الربيعي‚ وسعيد جاسم‚ وحسن النواب‚ كما أحكي عن قراءات مهمة في اعمال ادوارد سعيد‚ وهرمان هسه‚ وجوردن توماس‚ وخالد محمد غازي‚ وسلام عبود‚ ونقاش مفتوح مع عبدالرحمن وفاطمة المحسن‚ واحلام مستغانمي‚ وباقة ورد في ذكرى جان بول سارتر الكبير‚ الى جانب مجموعة من المقالات‚ استذكر فيها همومنا وشجون حياتنا ـ داخل العراق وخارجه ـ عن عالم مغلق للتحسينات لا يتحسن فيه شيء‚ عن الف جلجامش يبكي صاحبه لنكيدو‚ وما من احد يلتفت اليه‚
يضم الكتاب الذي جاء في 228 صفحة قسمين يحتويان على 48 مقالة‚ من الصعب ان نقول انها مقالة بالمعنى المألوف‚ ذلك ان قاصا وروائيا بحجم عبدالستار ناصر لا يكتب مقالات في الحقيقة بل يكتب قطعا ادبية‚ فيها من الابداع اكثر مما فيها من المعلومة‚ او التعليق‚ فهو حين يكتب عن كتاب‚ او اديب عرفه‚ فانه يتماهى معه‚ بحيث تصبح مقالته وكأنها اشبه بالقصة القصيرة‚ او مقطعا من رواية‚ بكل ما فيه هذا الفن الادبي من ابداع ولغة رفيعة‚ يقول عن «سيرة حياة هرمان هسه»: لعل اكثر ما كان يشغل هرمان هسه في سنوات الطفولة هو ان يختفي عن انظار الناسر‚ طاقية اخفاء مثلا‚ او حالة من السحر تجعله في منأى عن الآخرين‚ كان يريد ان يحرر التسعاء‚ ويهلك الطغاة واللصوص ويعفو عن الهاربين من الجيش‚ ثم ان يساعده اختفاء جسده على امتلاك قلوب بنات الملوك الحسناوات‚ وربما تمكن ايضا من الرحيل الى عصور بعيدة من الحياة الغامضة الابدية‚ ويقول: هرمان هسه خياليا في افكاره‚ انه هو الخيال نفسه مسبوكا على هيئة رجل جاء الدنيا بمزاج مختلف‚ وفي قراءته لكتاب صديقه عبدالرحمن مجيد الربيعي بعنوان «من ذاكرة الايام» يقول:
كنت اتمنى ـ بحكم المحبة والبدايات التي تجمعنا منذ ايام الصبا ـ لو ان عبدالرحمن مجيد الربيعي دخل البحر عميقا‚ وهاج وماج بين امواجه وتقلباته‚ وألا يبقى عند رمال الشاطئ يحكي عن اسماك البحر وحيتانه التي لم يتمكن من اصطيادها‚ فهذا الرجل ـ كما اعرفه ـ مملوء بالتجارب ومحشو الى رأسه بالذكريات الصعبة‚ ولعله يملك كومة من المفاتيح التي تساعدنا على كشف المستور‚ واظنه سيفعل ذلك في كتاب لاحق يحكي عن خصوصية الدم الذي يمشي في الشرايين‚ وخلف غشاء الجسد المزحوم بذاكرة العراق‚ وذاكرة النهرين‚ والنساء والغرف السرية ومدافن الضوء ودهاليز الموت وخمارات آخر الليل ومعارك المبدعين وحماقاتهم الممتعة.


(*) نشرت في صحيفة الوطن القطرية30 -7-2003
 
البحث Google Custom Search