أخبار
 
بيلوغرافيا
سيرة قلمية
نصوص
اصدارات
شهادات في التجربة
أقواس قزح
دراسات
مقابلات
مقالات
صور
سجل الضيوف
العنوان
مواقع اخرى
صوت
فديو
 
 
ذكرياتي.. مع الصائغ

ذياب مهدي
- عمان -

ماذا يشدنا لتلك النجف، كما يشدنا القلب للحب؟
ما أبعد المكان وأقرب المسافة بيني وبين عدنان.
للشعر زمان وللذكريات أوان، أعيدها قبل ثلاثين عاماً:
عدنان الشاب الواعد الكادح الطموح، يكتب شعراً عمودياً بخجل، ويغرقه الخجل عندما يلقيه لتصور ما... فهو من دوحة الشعر النجفي... لكنه يكتب شعره بفرادة تدفعه للتطلع نحو أفق الابداع. كان يكتب ويسمعني بعضه عندما نلتقي في مكتبة ما، أو عند "دار الثقافة الجماهيرية"، ويسمعنا شيخنا عبد الصاحب البرقعاوي.. كنا مجموعة نطلق على أنفسنا (ندوة أدب)، البرقعاوي هو مريدنا... كنت أرسم أكثر منه للشعر، وكان عدنان للشعر أكثر منه للرسم. كنت مزيجاً: رسم، سياسة، ثقافة، والغلبة دائماً للمراهقة. وكان عدنان الصائم في طريقه يتقد شعراً مكتوباً على الجبين، في الحيطان.
هكذا علمونا في النجف.
بيتٌ بدون مكتبة، بيتٌ بدون نافذة..
فبيوتنا مكاتب والمكتبات تتوزع في كل حاره، ما أكثرها هناك. أعدها ربما يضيع العد، وها نحن جزءٌ من تلك المكتبات حيث اشتركنا سوية بتجربه رائعة وفي الهواء الطلق. كان معرض مهم في تاريخ الفن التشكيلي في النجف، أنا أرسم ما يكتبه عدنان الصائغ شعراً. اللوحة صورة وصوت.
كانت تجربة طموحة لها أصداء كثيرة في حينها ودونت توثيقاً في الفن العراقي للتاريخ.
والآن بعد "كومة سنين"
في المكان تتجذر نباتات السعد وأهلنا يدعون لنا بطير السعد وهي أمنية للعراق. النخل فيه شامخ يموت ويعدم ويبقى شامخاً كشعبنا. فما ابعد المسافات بين الجدب والشواطيء. ما أقرب المكان للقلب حين يزهو بالذكرى، فما البعد التلاقي حين تجمعها المآقي في غربة المكان.
ماذا يشدنا للجرف وللمنحدر؟ ماذا يشدنا لمكينة "أبن الأعسم" والنواعير والتكية ولـ"قصر الملك"؟ لماذا باقية هذه الكلمة "الملك" رغم تحول قصره لكلية علمية؟.. إنه التجذر منذ الصغر حين نمشي في غبش الفلاحين من الشواطيء إلى مسجد السهلة، ونعدد: هنا محراب ابراهيم، وهنا محراب زين العابدين، وهنا صلى الباقر والصادق، وهذا محراب، وذاك مقام، وهذه بئر صاحب الزمان - الغيبة الصغرى، وهنا صلى وهنا.. وهنا..، وهذا مسجد صعصعة بن صحوان من أصحاب الأمام علي، وهناك جري سعده (يامسعده) ونمشي، نمرُّ برمال، ندحرج حصاة، نتخيلها كره حتى مشارف النجف، نشاهد: هذا قبر الصالح كميل بن زياد النخعي يذكرنا بليالي رمضان، وليالي الجمعة - "دعاء كميل"، وبقربه "الحنانة" كنيسة ودير كان للرهبان المسيحيين تحول إلى مسجد وتغير أسمه من "دير يوحنا" إلى "الحنانه" قيل إن السبايا بعد عودتهن من كربلاء مع الرؤوس المحمولة على الرماح بتنَ هنا..
تجمعنا عمان..
المبدع عدنان وأنا، نسير في كتابة الشعر المتحرف عدنان هو يجمعها (حرفة وهواية) وأنا هاوي في طريق الاحتراف، لكن صدقوني.. قلبان ينبضان بالحب والقبل. فهل "توحدنا القبل" كما رددها عدنان في مؤتمر أو لقاء في لندن، قبل سقوطا الصنم وصاحبه الجرذي، عندما سؤل: كيف نتخلص من الطاغية! وأنتم في مدينه الضباب؟ قال لنصفي "النية" بالقبل. نعم بالقبل.. والآن لعدنان وشيجتان أحباب في الغربة جمعنا مكان محب دار جمال الحلاق بقلب منفتح سميناه "المنفتح الثقافي" ونحن صديقان من بلدة واحدة، من أمة العراق كصنوان في الفن والشعر. هل أقول شاعران...؟ ربما تصلح له.. لكن هي النجف منائر الزمان
للروح وللمكان
عدنان شاعر من مكانِ شعري
عدنان شاعر من زمانِ شعري
عدنان شاعر عاشق للشعر
للوطن والإنسان..


(*) ألقيت في أمسية الشاعر عدنان الصائغ في المنفتح الأدبي / عمان - الجمعة 6/2/2004
 
البحث Google Custom Search