أخبار
 
بيلوغرافيا
سيرة قلمية
نصوص
اصدارات
شهادات في التجربة
أقواس قزح
دراسات
مقابلات
مقالات
صور
سجل الضيوف
العنوان
مواقع اخرى
صوت
فديو
 
 
حوار مع: عدنـان الصائــغ(*) في موضوع:

الوضع الاعتباري للمؤلف والكتاب في العصر الرقمي
وما يتفرع عن ذلك من قضايا تهم راهن الإبداع والإنتاج الفكري عموما ومستقبله في ظل الثورة الرقمية التي نعيش  مقدمتها.

إنجـاز: محمد أسليــم
- المغرب -


  • الشاعر عدنان: أنت واحد من المبدعين العرب الذين يزاوجون بين النشر التقليدي والنشر الإلكتروني أو الرقمي: فمن بين دواوينك الشعرية العشر التي أصدرتها حتى الآن، بوسع مبحري شبكة الأنترنيت أن يحصلوا، ومجانا، على نسخة من عمليك «سماء في خوذة» و«مرايا لشعرها الطويل »، وأود أن أستهل معك هذا الحوار – النقاش حول حكاية مجيئك إلى عالم الرقم. كيف فكرت في إنشاء موقع على الشبكة؟ لماذا وضع أعمال دون غيرها؟ هل بسبب التزامات مع ناشريك الورقيين أم لأسباب أخرى؟ إذا أخذنا بعين الاعتبار أن بين الكتاب الورقي والكتاب الرقمي فروقا جوهرية، من بينها تقلص دائرة تلقي الأول لأسباب عديدة، منها: تقلص مساحة توزيعه جغرافيا، المنع الذي يطاله من قبل سلطات الرقابة، محدودية عدد النسخ المسحوبة، أو عدم توفر طبعات متعددة للعمل الواحد، لأسباب تجارية عموما ترتبط بسوق النشر، بخلاف ذلك، يتمكن الكتاب الرقمي من تجاوز سلسلة الوسطاء التقليديين الطويلة (مطبعة، ناشر، موزع، مكتبي، الخ.) ليصل مباشرة إلى القارئ في أي نقطة من الكرة الأرضية، وعلى امتداد 24 ساعة على 24 ساعة... أكثر من ذلك، يتيح النشر الإلكتروني تخطي عقبة النقد ذاتها، بحيث يصير بإمكان القارئ الاتصال مباشرة بالمبدع أو المفكر صاحب العمل... إذا أخذنا بعين الاعتبار ذلك، فهل تتوقع أن تتسع دائرة قرائك؟

  • - بدءاً أقول أن ثورة النشر الالكتروني انتشرت بشكل سريع ومدهش، فاجأ الجميع: مبدعين، مكتبيين، ناشرين، ومتلقين. ملغيةً الكثير من الحلقات التي تكرست وتكرشت أو تصدأت بمرور السنين.
    هذه الثورة الرقمية الحديثة غيّرت مفاهيم كثيرة في عالم الابداع والتلقي، على حد سواء. وحطمت الكثير من الأسلاك والحواجز والرقابات وقللت تكاليف النشر وسبل التواصل والتوصيل، بالاضافة إلى اختصار الزمن. لتبني أمام الانسان جسوراً ضوئية إلى المستقبل، وطرقاً خصبة وواسعة من العلاقات الثقافية، لم يعتدها من قبل.
    فطيلة آلاف السنين من تاريخ النص كانت النصوص - على امتداد كوكبنا الورقي - تسير وتتطور بشكل تدريجي، من الحفر والنقش والكتابة الطينية والرقائق والمخطوطات وصولاً إلى المطبعة والرونيو والاستنساخ والخ..
    غير أن عالم الانترنيت كان انعطافاً حاداً ومذهلاً فاجأ نهايات قرننا الماضي وقرننا الحالي ولم يصح المبدعون والمتلقون معاً من سكرته بعد..
    ما معناه أن تكون أنتَ الشاعر والرقيب والمطبعة ودار النشر والموزع والمكتبة، في لحظة واحدة بمجرد ضغطة على الكيبورد KeyBoard
    هل كان أبو فرج الاصفهاني يحلم وهو ينقل كتابه الأغاني على عدة جمال عابراً المفازات من بلد إلى بلد، أن باستطاعة موسوعته الضخمة التي أفنى حياته في تسطيرها، ستحشر في قرص صغير يمكنك أن تنقله بسرعة الضوء من غرفة مكتبك إلى آخر أطراف الأرض، عبر فضاء الانترنيت..
    وهل كان خازن الكتب في المدرسة المستنصرية أو دار الحكمة في بغداد يتخيل أن كل هذه الرفوف المحملة بأطنان الكتب يمكنه أن يحفظها في بضعة دسكات Disk أو سيدوات CD يضعها في جيب بنطاله ويمضي مطمئناً من مخاوف الحريق أو هجوم المغول أو قرض الفئران.
    هذه الثورة المعلوماتية الرقمية كان لا بد لها أن تغيّر الكثير من المفاهيم والأساليب الفنية والأنماط الأدبية في النص وتقلب وتبدل أشياء كثيرة..
    وهي لها ايجابياتها المتعددة، مثلما لها سلبياتها، غير أن الشاعر عليه وهو يتعامل مع هذه التقنية المتطورة أن لا يتحول إلى آلة رقمية مضافة فيها، وهذا هو الفايروس الحقيقي في جهاز الابداع الانساني..

    من كل هذا وغيره الكثير أخلص باختصار إلى اشكالية جديدة زادت من وقوع الكثير من النصوص في شبكة الاستسهال والمباشرة من جانب، والتحجر والآلية من جانب آخر. هذه المعضلة ساهمت فيها سهولة النشر الرقمي عبر الأنترنيت فأغرقت الساحة الثقافية بطوفان من النتاج الهزيل صار يشكل عائقاً حقيقياً أمام مجرى النص وحركته.
    غير أن النصوص العظيمة المبدعة المحافظة على عافيتها ظلت كما هي عصية على الآلة والاستسهال، وهي تستفيد من ثورة الانترنيت
    وتحافظ على شروط الابداع وقواعده..
    أما النصوص التي تولد هزيلة أو ميتة فلن تستطيع صيدلية الانترنيت أن تقدم لها أي عقار ناجع يعيد لها عافيتها إذا لم يحاول الكاتب نفسه أن يقدم لها من روحه عصارة الابداع الحقيقية.
    فالانترنيت قد يقدم لها خدمة النشر السريعة مثلما ذكرت على امتداد 24 ساعة إلى أبعد نقطة في الكرة الأرضية، لكنه لن يستطيع أن يمنحها تأشيرة الإقامة في وجدان القاريء وذاكرة التأريخ.

    هذه الاشكالية الحقيقية وضعتها أمام عيوني وأنا أدخل هذا العالم لأول مرة في بداية عام 2001 مؤكداً أن الابداع أهم من الانتشار. وأن الاشتغال على النص هو الذي يضمن وصوله ومكوثه للآخر.
    دخولي إلى هذا العالم أوجد لي متعتين كبيرتين في منفاي القصي، أولهما التواصل مع أصدقائي وقرائي بشكل واسع والاستماع إلى ملاحظاتهم السلبية والايجابية وهذا أمر مهم لأي كاتب للمواصلة والتعلم وتشذيب تجربته.
    المتعة الخرافية الأخرى تلبّستني وأنا غارق في الضحك على مقص الرقيب الذي لم يعد يطالني. وكنت قد عانيت منه ما عانيت في بلدي والبلدان العربية التي أقمت فيها، مثلما عانى أقراني في بلدي وفي بلدان الوطن العربي الممتد من المقص إلى المقص.

    أفكر بمشروع وضع كل نتاجي الشعري والنثري في صفحتي في الانترنيت (www.adnan.just.nu أو www.adnan.has.it) ليكون في متناول الجميع فأنا يهمني الوصول إلى القارئ قبل التفكير بالربح أو الخسارة، فقد عانيت من القطيعة والحصار ومتاعب التوصيل والنشر الكثير الكثير في وطني والمنفى معاً وبأشكال مختلفة..
    وقد بدأت بهذين الديوانين بلا ترتيب أو تخطيط، ليس لشيء وإنما لجاهزيتهما وسأدفع بدواويني الأخرى ريثما انتهي منهما..
    ويهمني أيضاً أن انشر في الصفحة كل جديد. كما وضعت رابطاً للمواقع الشعرية والأدبية في الوطن العربي والعالم، يستطيع القاريء من خلاله أن يدخل إلى موقع أي مبدع يشاء في كل أنحاء العالم..

    لقد استهواني الدخول إلى هذا العالم المليء بالأسرار والأزرار والجديد دائماً، ورأيت فيه بعض المواقع الشعرية التي وجدتني أقرأها بيسر وعذوبة، وأحصل في مكاني النائي في منفاي على الكثير مما لم استطع الحصول عليه من قبل.. ووجدتني أحاول نقل هذه البهجة إلى الآخر من خلال صفحتي الجديدة على الأنترنيت.

    غير أن هذا كله لم يجعلني أتخلى عن فكرة النص الورقي خاصةً في النشر الأول لأي مجموعة جديدة لي. فأنا ما زلت مدمناً على رائحة الورق ولا أجد متعةً لي أجمل من أن أرى كتابي الجديد على الورق قبل أن أراه في الأنترنيت. وما زلت أحن إلى متعة الاستلقاء والكتاب بين يدي، أو القراءة في الباص والقطار والطائرة.
    ولا زلتُ أيضاً أجد متعتي أمام الورقة البيضاء أكثر مما أجدها أمام الشاشة التي لم أجرب حتى اليوم كتابة نصي الشعري فيها مباشرةً وربما هذا تابع إلى تعودي الطويل على الجلوس أمام الورقة. ذلك أن الورقة البيضاء تمنحني إيحاءً وخيالات شتى، تحفزني وتستفزني على الكتابة.. وتأخذني إلى أرخبيلات من الحلم والدهشة، أكثر مما تفعله شاشة الكومبيوتر.

     
    البحث Google Custom Search