أخبار
 
بيلوغرافيا
سيرة قلمية
نصوص
اصدارات
شهادات في التجربة
أقواس قزح
دراسات
مقابلات
مقالات
صور
سجل الضيوف
العنوان
مواقع اخرى
صوت
فديو
 
 
عشتار تحاور ..

الشاعر عدنان الصائغ

ليس البطولة أن تكتب وأنت في المنفى ما تشاء ..
إنما البطولة أن تكتب وأنت في الداخل ولو شيئاً بسيطاً مختلفاً عن الجوقة..

حاوره : فاخر جاسم
السويد

لابد من ذاكرة منحازة للوطن وطيبة الأهل ليكتب شاعر ما [نشيد أوروك]، وعدنان الصائغ .. ذلك الصوت الشعري الواضح الذي أنجز نشيده بعد أن نأى عن وطن الجراح والعتمة والرعب ليفتتح مشروع حريته الشعري، حسب تعبير شاعرنا الكبير سعدي يوسف في مقدمته للمجموعة الشعرية [تحت سماء غريبة].
وقد حصد الشاعر في منفاه جائزتين عالميتين للشعر كثر حولهما الجدل... بين طائفة سرها تكريم شاعر عراقي مبدع فباركت له الفوز بهما، وأخرى أعلنت احتجاجها المقرون بتهمة المهادنة مع النظام الدموي قبل فرار الشاعر منه...
إن شاعرنا الصائغ قد عانى – بشكل ما – من اجواء التجهيل ومحاربة الابداع والثقافة الخيرة، حيث كان المبدع يرى قرار موته يزوغ ما بين السطور، يتحرك مسرعاً بقدر ما تستطيع حروفه من ايقاد شمعة في ليل العراق الدامس.. ومن أجل معرفة المزيد من القناعات عند الشاعر بعد الفوز بالجائزتين، كذلك عن واقع الثقافة والابداع في الوطن أجرت [عشتار] هذا الحوار مع الشاعر عدنان الصائغ.

  • هناك مسافة فاصلة غير معروفة في الأوساط الثقافية بين التكوينات الأولية ووضوح الملامح الشعرية عند عدنان الصائغ. هل يمكن العودة الى المحطات الأولى لهذا التجربة الشعرية ؟

  • لقد فتحت عيني على شيئين مهمين: نهر الكوفة ومكتبات النجف كان النهر يجرف طمي التأريخ كله منذ مناحات اينانا مروراً بدم الحسين الذي امتزج بأمواجه حتى طفولاتنا السابحة على ضفافه. كنت اسمع من خلال نافذة بيتنا الصغيرة انين النهر يدعوني فأخرج بدشداشتي مجذوباً اليه، كان المدرسة الاولى في حياتي التي علمتني الكثير، ذات ظهيرة قائظة كنت اتمشى على الجرف قريباً من منارة النبي يونس رأيت واصدقائي بعضاً من الكتب الطافية، تقذفها الامواج بعيداً، وبعضها تعلق ببقايا اخشاب السفينة الانكليزية التي اغرقها ثوار الكوفة .. سبحنا إلى الكتب وانتشلناها، وهذه الكتب هي التي قادتني إلى مكتبات النجف فيما بعد ومنها اطلعت على روائع التراث العربي شعراً وفكراً ووجدتني منهمكاً حتى ساعات الفجر بالتهام ما يقع بيدي من الكتب .. وهذه الكتب هي التي فتحت وعي فيما بعد على الواقع الذي نعيشه .. ووجدتني من خلال ذلك انحاز إلى كتابة القصيدة لانني رأيتها اقرب إلى التعبير عما يختلج في روحي وأكثر صدقاً في قراءة هذا الواقع.
    الشعر قادني ايضاً إلى مواجهة هذا الواقع الذي كان يزداد شراسة وقمعاً فبدأت وصديق طفولتي الشاعر علي الرماحي نكتب تحت هذا الهاجس قصائدنا العمودية الاولى، فيما بعد ستقف سيارة لاندكروز بيضاء وينزل رجال غلاظ يأخذون صديقي بعيداً ولم يعد احد يعرف مصيره حتى هذه اللحظة .. هذه الحادثة واشتعال الحرب وقراءة قصائد الماغوط نقلتني من الشعر العمودي إلى فضاءات الشعر الارحب.

  • جائزة هيلمان هاميت العالمية للأبداع وضحايا التعبير التي حصلت عليها في مطلع عام 1996، اثارت بعض الالتباسات بأعتبارك مثقف غير مضطهد عندما كنت في الداخل، ما هو تعقيب الشاعر عدنان الصائغ؟

  • هذا سؤال مهم واهميته تكمن بالنسبة لي -على الاقل- على فتح المجال امامي لفك الاشتباك بين القضية وتوهم القضية والتي انطلت على الكثيرين نتيجة الخلط الذي مارسه الاخوة كتاب التقارير .. ولتوضيح الامر أقول أولاً: انني كنتُ في بيروت حين حصلتُ على جائزة هيلمان هاميت في نيويورك مطلع عام 1996 وباركني الجميع ولم اتلق سوى كلمات المحبة والتهنئة من البياتي وبلند الحيدري (رحمه الله) حتى عباس بيضون وكريم عبد والخ … والخ … ومن منظمات وأدباء المشرق العربي حتى المغرب العربي ولم تكتب الصحف والمجلات في كل الوطن العربي أي شيء ضدي او ضد الجائزة، ولكن بعد مرور عام ونصف وانا في السويد اعلن في روتردام عن حصولي على جائزة الشعر العالمية لعام 1997 وبعد ان ذكرت بعض الصحف انني وجهت رسالة إلى البروفيسور رئيس منظمة الشعر العالمية تحدثتُ فيها عن وضع المثقفين العراقيين في الداخل والخارج وطالبت المنظمات العالمية للألتفات اليهم ومناشدة السلطات بأطلاق سراح المعتقلين منهم .. وما ان علمت السلطات بذلك حتى جن جنونها وجندت ضدي وضد المهرجان حشداً من مرتزقتها ومخبريها وكتاب تقاريرها والخ … بالأضافة إلى تطوع بعض الشعراء الفاشلين الذين اغاضتهم الجائزة فتطوعوا للعمل مجاناً وهؤلاء ـ وهذه شهادة مني ـ أبلو بلاءً حسناً.
    اترك هذا الان واعود إلى سؤالك عن الاضطهاد .. فأقول ـ وكما اعلنتُ ذلك اكثر من مرة ـ انني لم اكن المضطهد الاول ولا الاخير في بلد يعج بعشرين مليون مضطهد، ولم اكن الشاعر الاول ولا الاخير في بلد عدد شعرائه اكثر من عدد نخيله .. كما انني في العراق لم اتعرض إلى سجن او تعذيب او تحقيق امني بأستثناء ايام قليلة اقول قليلة اذا اخذنا بنظر الاعتبار الاضطهاد الجماعي الذي تعرض له العراق وانا واحد منهم لكنني حين خرجت من العراق عام 1993 واصدرت ديواني تحت سماء غريبة الذي قدم له الشاعر الكبير سعدي يوسف وكنت حينها في عمان تعرضت إلى ملاحقات عديدة، ازدادت حين تسللتُ من دمشق إلى بيروت واصدرت هناك نشيد اوروك حيث انضمت او تطوعت بعض المنظمات الحزبية المشبوهة والسلفيين والاصوليين إلى جوقة الملاحقة، فأصبحت محاصراً من اكثر من جهة ومنع الكتاب في اكثر من بلد عربي بسبب مساسه بالثالوث المقدس: السياسة والدين والجنس وهددوا بحرق المطبعة والخ … وأختطاف اطفالي وقتلي والخ … وهذا حديث يطول.

  • أجبت في ردك على بعض الاتهامات التي نشرت بعد فوزك بجائزة هيلمان هاميت: "ان الكتابة الحقيقية هي مشي في حقل الالغام"، كيف استطعت ان تخرج ستة دواوين شعرية، وتمارس الكتابة في الصحف والمجلات دون ان تصيبك حتى شظية تائهة في بلد كله حقل الغام، خاصة وأن النشاط الذي مارسته في الثقافة الموجهة كان فاعلاً كما هو معروف ؟

  • لقد حدث لي هذا على سطح الواقع قبل ان يحدث لي على سطح النص هناك حادثة مهمة بالنسبة لي وبسيطة ربما بالنسبة لكم، سأذكرها هنا مدخلاً للأجابة على سؤالك، وهذه الحادثة ذكرتها في نشيد اوروك وفي شهادتي التي القيتها في القاهرة .. اذكر انني كنتُ جندياً في الفوج الثالث لواء الثالث في الاعوام الاخيرة من السبعينات (لاحظ لقد سرقوا من عمري 13 عاماً في المعسكرات والحروب جندياً مكلفاً واحتياط، استثني منها عامين نقلوني فيها جندي احتياط إلى جريدة القادسية) اعود إلى الحكاية واقول ذات يوم نقلوا فوجنا على ظهور البغال في طريق وعر إلى منطقة ديركلة في شمال العراق، كنت حزيناً منكسراً ومتعباً جداً لكنني رأيت السفوح امامي تلمع بخضرتها فتمشيت بين الاعشاب والاشجار وما ان ابتعدتُ قليلاً حتى صاح بي الجنود: ابو خليل (وهذا لقب كل جندي) ابو خليل ارجع .. المساعد يقول انه حقل الغام. لكنني في حالة هستيرية قررت ان استمر في المشي ولن التفت لهم. مشيتُ خطوات، ثم في لحظة سمعتُ ورائي حركة ركض سريعة التفت كان احد البغال قد فرّ من حظيرته وركض بأتجاه السفح ايضاً (ربما كان يبادلني نفس الشعور)، تجاوزني وظل يركض وما هي إلا برهة حتى انفجرت نافورة من الدم واللحم والشظايا .. هذا البغل العظيم والمسكين دفع حياته ثمناً لحياتي دون ان يدري ودون او ادري انا .. امام ذلك المشهد المروّع رجعت في الطريق نفسه محترساً ورميتُ نفسي على يطغي وبكيت.
    في النص ايضاً كانت هناك العديد من حقول الالغام، بعض الاصدقاء فضّل عدم السير في هذا الحقل المرعب واختار حديقة آمنة او طبلاً آمن او عزلة آمنة والبعض اندفع اكثر في لحظة انفجار روحي حقيقي فأنفجر به اللغم، والبعض وانا منهم وبعد ان رأيتُ ما رأيت تعلمنا ان نتفرس في الطريق جيداً ما دامت اقلامنا تمشي في هذا الطريق الملغوم، وهذا لا يعني اننا لم نصب بشظايا طائشة او تائهة كما وصفتها او مقصودة هناك الكثير منها، لكنها لم تكن مميتة على الاقل .. وعندما ادركت انني وخاصة بعد قضية مسرحيتي "الذي ظل في هذيانه يقظاً" ان الشظايا القادمة مميتة حقاً وان لا مجال لتجاوزها ابداً حزمت حقائبي وكان بعض الاصدقاء قد رتب لي دعوة مهرجان جرش حينها فغادرتُ حقل الالغام نهائياً.

  • بالعودة إلى حديثك عن العلاقة بين كتاب التقارير والمبدعين، نسأل: لماذا استهدف عدنان الصائغ على مستوى الصحافة "بعض الصحف" وليس على مستوى الأفراد ؟

  • العلاقة بين كتاب التقارير والمبدعين علاقة تأريخية بل قل ازلية منذ ان خلق القلم وخلق السوط، وليس عدنان الصائغ اول ولا اخر من يتعرض لهذه الملاحقة التي حقاً اقول انها زودتني بشهادة رسمية بأن كتاباتي قد وصلت إلى الناس وأنها بدأت تقلق الجهات المسؤولة، ذلك ان الكتابات الهامشية والارنبية والعابرة لا تلفت اليها احداً، ولا يكلف احد نفسه بمراقبتها وحصي انفاسها ..
    ولان ديواني "تحت سماء غريبة" الذي صدر بعد خروجي من العراق قد ازعجهم حقاً وكذلك نشيد اوروك فقد لاحقوني من مكان إلى مكان ومن جريدة إلى جريدة ومن بيان إلى بيان. في البدء انزعجت كثيراً، لكن احد الشعراء الكبار همس في اذني: مبروك، قلت له وانا في قمة حزني وانكساري: مبروك على ماذا؟ ضحك في وجهي وقال واثقاً: هذه الملاحقات والتهجمات تعني انك اصبحت شاعراً مقروءاً من قبل الناس.

  • اشرت إلى نشيد اوروك، كيف تولدت فكرته عندك ؟

  • فكرته ولدت في اسطبل للحيوانات اعشت فيه قرابة عام ونصف عام 1984 إلى 1986 في قرية شيخ اوصال في السليمانية اثناء سنوات الحرب المرة، ثم تنقل معي بعد خروجي من العراق في عدة بلدان وعاش التشرد والمنفي مثلما عاش الموت والرصاص انه اشبه بسيرة ذاتية او قراءة التأريخ السري للاحداث التي عاشها وطني منذ فجر التاريخ حتى يومنا هذا.

  • أريد لنشيد أوروك أن يكون أطول قصيدة في الشعر العربي، فأحتوى على نثر كثير ما هو تعقيبك على هذا الرأي ؟

  • لا شك في ذلك، فأنك عندما تكتب قصيدة قصيرة بصفحة واحدة او صفحتين يختلف ذلك عن كتابة قصيدة بعشر صفحات او عشرين صفحة فكيف يكون الامر اذا كانت القصيدة تستمر على مدى 300 او 500 صفحة فولسكوب .. أي طاقة لقصيدة ان تتحمل كل هذه الانثيالات والصرخات والكوابيس والاحداث والتواريخ والاساطير والاديان والحب والجنس واليوميات والفلسفات والخ .. أي طاقة شاعر ان يستمر في كتابة قصيدة لفترة 12 عاماً ويبقى مشدوداً للحظة الشعر الصافية. أي طاقة للنص ان يستوعب تاريخ الطبري وابن كثير واليعقوبي والخ .. والتفاسير والسير وملاحم الادب الكبرى ليخرج بقراءة مغايرة للتأريخ دون ان يدخل في السرد. أي طاقة للبيت الشعري ان سيتوعب اعترافات سجين مشدود إلى المروحة السقفية من قدميه في سجن ابي غريب ..
    هذا كله يا صديقي بالاضافة إلى اشياء كثيرة وكثيرة انا نفسي لا اعرف كيف انجمعت في هذا النص .. ولا ادري ايضاً كيف بدأت به وكيف انتهيت منه، وكيف دخلت به اشياء كثيرة انا نفسي لم اكن اريدها وخاصة فيما يتعلق بالدين والجنس، لكنني ابقيتها لصدقها ولانها كانت جزءاً اساسياً من بنية النص وهذا ما اثار غضب الاصوليين فيما بعد ..
    لهذا فوجود بقع النثر الطافية في هذا اليم الهادر شيء طبيعي .. فأمواج البحر كثيراً ما تولد الزبد ..
    لقد قيل عن نشيد اوروك الكثير عراقياً وعربياً وعالمياً لكن يهمني ان اشير هنا ان من بين اجمل ما قرأته كلمة الشاعر الكبير شيركو بيكه س عن النشيد إذ يقول: "انها قصيدة الفاجعة الجماعية في العراق. ضحايا ينشدون نشيدهم جماعياً أمام مرايا ملطخة بالدم. انها قصيدة الكورال. تدفق لغوي. لغة متلاطمة الكلمات والصور على الدوام كما وأن الشعر هنا يشبه سداً في بعض الصفحات إذ يخزن الماء بهدوء ومن ثم تُفتح البوابات لكي تتدفق خارجاً وبقوة الف حصان شعري …" والخ .. والخ .. ويقول أيضاً: "وهي حفر دائم ـ قصيدة اركيولوجية تحفر وتحفر" … "خندق شعري طويل بمقامة العراق …" والخ .. والخ ..

  • الوظيفة الاجتماعية للكاتب بأعتباره منتجاً للمعرفة، ازداد دورها بعد ان تم تغييب المؤسسات السياسية والاجتماعية قسراً .. كيف استطاع الكاتب في الداخل تجسيد مفهوم "المثقف منتج للمعرفة" ؟

  • البعض استطاع ذلك من خلال انتاجه الحقيقي الخاص والمبدع للمعرفة من جانب وما يتسرب الينا من صحف ومجلات وكتب ممنوعة رسمياً يتم تداولها عن طريق الاصدقاء الذين يثق بعضهم ببعض وأذكر في هذا الخصوص وقريباً من سؤالك ان الكاتب رياض نجيب الريس قال لي بدهشة حين زرته في بيروت: انني اعرف ان مجلة الناقد ممنوعة من دخول العراق بأستثناء عدد واحد كان فيه قصيدة للشاعر حميد سعيد، لكن الغريب ان من بين اكثر الرسائل التي تصلني من الوطن العربي هي من العراق ادباءً وقراء كيف ذلك؟ وحدثته طويلاً عن الكثير من الطرق التي نحصل فيها على المجلة او الكتاب الممنوع وذكرتُ له على سبيل المثال ان ديواناً او كتاباً يصل إلى الداخل يمكن عن طريق الاستنساخ او الكتابة اليدوية ان يتحول إلى عشرة وهذه العشرة إلى مئة وهذه المئة الى الف، اليس هذا اروع انتاج للثقافة المضادة.
    بربك يا صديقي هل رأيت احداً من السياسيين او المثقفين التفت إلى هذا الدور الخطير لمثقفي الداخل، اقول بدلاً من شتمه قدموا لهم كتاباً او رغيفاً او كلمة تشجيع وأنا اتكلم هنا عن التعميم السائد في الخارج ضمن هذا المجال او غيره وأستثني طبعاً بعض المثقفين والمبدعين والمناضلين الحقيقيين الذين يمتلكون قناعاتهم الحقيقية.
    وحين اتكلم عن الداخل في هذا المجال او غيره افصل بين ادباء السلطة والمهرجين وبين منتجي الثقافة الحقيقيين.

  • ارتباطاً بالسؤال السابق هناك اسماء لاذت بالصمت كوسيلة، ربما وحيدة، في ظل الاجواء الثقافية السائدة في العراق للمحافظة على الذات وعلى سبيل المثال: رشدي العامل ومحمود البريكان وغيرهم. هل كانت لك علاقة بهم عندما كنت بالداخل ؟ وكيف يستطيع المبدع ان يحافظ على مسافة بين الابداع والادب الاعلامي السائد؟

  • الصمت وسيلة رائعة ايضاً من وسائل الاحتجاج وأشير هنا إلى رواية فرنسية معروفة اسمها "صمت البحر" استطاعت فيه فتاة فرنسية ان تهزم الضابط الفاشي الذي قطن منزل عائلتها رغماً عنهم. لقد استطاعت بصمتها ان تكسر جبروته .. ولكن السؤال هنا ماذا لو كان ذلك الضابط المحتل اكثر فاشية وشراسة ولؤماً في اجبارها على ان تتكلم معه تحت وطأة المسدس مثلاً، هنا سيكون امامها امران لا ثالث لهما (هذا اذا لم يكن بأمكانها ترك البيت او المقاومة) والامران هما: اما ان تستقبل طلقته بصدرها العاري او تقبل التكلم معه، والحديث معه هنا لا يعني قبوله او تمجيده او التواصل معه. هنا يكون دور الحديث أي النص تأجيل لفكرة الموت الحتمية او الانتصار عليها تماماً كما عملت ذلك شهرزاد في التراث العربي تحت وطأة قدر السيف المسلط على عنقها عندما استخدمت النص وسيلة لبقائها، ووسيلة ايضاً لأفهامه بشاعة القتل والخيانة واللصوصية من خلال سردها للعديد من الحكاية .. وهنا يجب ان نفرّق بين عقدة شهريار وعقدة دكتاتورنا الفاشي وان نفرق ايضاً بين ان يكون النص وسيلة لا خيار لك فيها للبقاء وبين ان يكون النص وسيلة للكسب والاسترزاق وان نفرق ايضاً ـ وهذا شيء مهم برأيي ـ بين ان يكون النص ـ الوسيلة مادة تصفيقية وتطبيلية للحاكم وبين ان يكون مادة اخرى. ومن خلال كل ذلك تستطيع ان تقدر طول او قصر المسافة بين المبدع وماكنة الاعلام وسيف الجلاد، وتستطيع ايضاً ان ترى كيف استطاع البعض ان يجعل الصمت ـ حين قُدّر له ذلك ـ وسيلة للأحتجاج وكيف استطاع البعض ان يجعل الكلام وسيلة للأحتجاج ايضاً. وقد كانت لي علاقات طيبة وحوارات رائعة في الداخل مع ادباء الصمت او الظل كما سُمي بعضهم .. وأذكر ان المرحوم الشاعر المبدع رشدي العامل كان اول من تنبه إلى ديواني "العصافير لا تحب الرصاص" الذي صدر عام 1986 وكتب عنه في غفلة من صمته مقالة رائعة بعنوان "شاعر لا يملك الادعاء" هيجت دون ان يدري او يحسب لذلك حساب احقاد وظنون اصحاب التقارير، فأدى ذلك إلى منع ومصادرة الكتاب من الاسواق رغم ان الوزارة هي التي طبعته. ورغم انه لم يكن فيه سوى ادانة مبطنة للحرب ربما لم تكن واضحة تماماً وكدتُ اتعرض إلى ما لا تحمد عقباه لولا ان الحظ وحده ساعدني .. اذ كان الخبير المسؤول الذي اجاز الديوان وكتب على غلافه قائلاً: "انها تجربة شعرية صادقة وتملك صوتها الخاص" هو شاعر كانت الدولة تريد ارضاءه وكانت قد سلمته منصب مدير عام السينما والمسرح .. ذلك الشاعر هو يوسف الصائغ فأغلقوا ملف القضية.
    ومن الجدير بالذكر والقول يجرني إلى القول ان هذا الديوان كان قد قدم في اول الامر إلى خبير لاجازته، لكنه حذف بعض الابيات بقلمه وبعضها استبدلها من عنده واذكر ان هناك بيت شعر في الديوان اقول فيه "في زحمة الحرس المدجج بالشتائم" فقام بأستبداله كالأتي "في زحمة الدرب المعبّأ بالاماني" .. وأراد ان يكتفي بذلك التشطيب لكنه في ذروة اناشيد الحرب الممجدة وطبول الاعلام الرسمي أثناء اشتداد حمى المعركة على احدى الجبهات التي اندلعت في تلك الايام ولصخب عنوان ديواني قرر رفض الكتاب وعدم طبعه، بعد فترة طويلة وكان الديوان قد صدر حين اجازه الشاعر يوسف الصائغ كما ذكرت التقيتُ الخبير الاول وهو شاعر ايضاً في امسية مشتركة لنا في كركوك وكانت تضمنا غرفة واحدة، ولا ادري كيف قادنا الحديث إلى ان اسأله: استاذ لماذا منعت كتابي؟ ها قد صدر فما الذي حدث .. فأجابني بصدق وحرقة ابوية لم انسها ما حييت: يا ابني صدقني لقد كنتُ اخاف عليك من هؤلاء الاوباش .. وانساق في حديث موجع ومرير .. لا زال صداه يرن في اذني حتى الان.

  • مرة قلت: كنت في قلب الحركة الثقافية لا على هامشها، وأضفت: كنت مضطراً وراغباً ومجبراً أحياناً ؟ الاضطرار والاجبار لا جنحة عليهما ولكن الرغبة كيف تفسرها هنا ؟

  • وهي أيضاً لا جنحة عليها إذ انني أقصد بالرغبة هنا رغبتي الثقافية الحقيقية في اشاعة ثقافة صحيحة خلاقة محرضة وسط ركام الخراب الذي وُجدنا فيه، رغم ايماني بان ذلك الامر ليس سهلاً بالمرة .. ربما نجحتُ ربما فشلتُ ربما قدمت شيئاً ربما لم اقدم شيئاً. الامر كله متروك لغربال الزمن. من ناحية اخرى أقول ان وجودي في قلب الحركة الثقافية قد جعلني قريباً من المشهد العام وفتح عيني على الكثير من الاشياء والاستقراءات والتي لم اكن اراها او اعيها او استطيع وصفها او اعيشها لو كنت داخل عزلة الهامش. واذكر مقولة مهمة لابن المقفع يقول فيها: "رؤية الاسد تُجرؤك عليه"

  • اشرت في ردك لاحد الصحف: إلى قدرة الكاتب العراقي في الداخل على مراوغة رقيبه ومراوغة السلطة لكتابة نصوصهم الابداعية في الحرية وادانة القمع بما يعجز عنه في الخارج، كيف حدث ذلك بالملموس عندما كنت في الداخل؟

  • سأقول شيئاً ربما يثير حفيظة اصحاب الكروش الثقافية، ان ما يفتخر به تأريخ الادب الفرنسي كله هو ادب المقاومة الفرنسية ضد النازية والفاشية .. وخذ اراغون مثلاً وخذ ايلوار .. وخذ قصيدته الشهيرة "الحرية" التي كانت توزع كالمناشير في خنادق الثوار الفرنسيين .. لنقرأ كلنا قصيدة الحرية ونتعلم منها الان درساً مهماً في قراءة النص المقاوم ثم نقرأ بعد ذلك تلك النصوص النظيفة في خظم المشهد الداخلي فأرى انها لا تقل جرأة عن نصوص المقاومة الفرنسية او غيرها، بل ربما تكون اجرأ اذا اخذنا بالاعتبار كمية ونوعية ونسبة القمع والارهاب بين فاشية الدكتاتوريات الاخرى وفاشية دكتاتورنا التي فاقت الجميع، ومن هنا، ومن هذا المنطلق على النقاد ان يستقرؤا النصوص الخارجية على السياقات الاعلامية الرسمية … ولي في هذا حديث طويل وادلة حاشدة من خلال نتاجات الادباء العراقيين الشرفاء الذين لا يزالون حتى هذه اللحظة في الداخل، والمفارقة المؤلمة حقاً انهم يعيشون بين مطرقتين فلا النظام راض عنهم ولا الخارجون على النظام. وتلك هي اخطر محن الادب العراقي اليوم، وعلى المبدعين الشرفاء ان يلتفتوا إلى هذه الناحية المهمة التي هي لوحدها تشير إلى عمق الهوة التي زرعها النظام بين انفسنا نحن ..

  • هل نُشرتْ في العراق نتاجات ابداعية تنتقد القمع والاضطهاد ؟

  • اذا كنت تقصد النشر بالمعنى الواضح والمباشر والصدامي على صفحات الجرائد او الكتب فانا لا اعتقد ذلك، لكن بالمعنى المبطن والتلميحي والتأويلي وغير ذلك فهناك العديد منه .. وهذا امر لا يستهان به كما قلت لك وهو برأيي يشكل فصلاً او رافداً من اروع واجرأ فصول ادب المقاومة في العالم لو تم استثماره بشكل جيد من قبل القوى الوطنية والثقافية في الخارج بدلاً من تجاهله او كيل الاتهام له .. اقول ذلك بأخلاص ووعي ومسؤولية وستثبت الايام صحة قولي وقولي هذا لا يلغي بالطبع ادب المقاومة الرائع والصافي لدى ادباء الخارج ضد القمع والاضطهاد .. بل انه يمتد به ويتواصل معه ويتغذى ويكبر.

  • اعتبر الكثيرون ان الافكار التي كنت تطرحها في زاوية "مرايا" في جريدة القادسية جريئة، كيف يستطيع المبدع ان يطرح افكاراً تبتعد عن هموم السلطة، وتعبر عن هموم الناس في ظل سلطة حولت العديد من المبدعين إلى جوقة مداحين؟

  • حسناً ان تقول ذلك، لكنني لست الاول ولا الثاني او العاشر .. هناك الكثيرون ممن استطاعوا الحفاظ على كرامة كتاباتهم وصدقها وجرأتها ولم ينخرطوا في جوقة الطبالين، بعضهم انتبهت له السلطة فذبحته وبعضهم انتبهت لهم بعد ان فروا إلى الخارج، وبعضهم قلبي عليه ما زال حتى هذه اللحظة يكتب او يسرب نصوصه داخل هذه الفجوة الضيقة القلقة الرجراجة التي لا يعرف متى تنطبق عليه .. وفي ذلك مصدر افتخاري وتمجيدي لهذه الاصوات الخيرة الصادحة المبدعة التي حافظت على نقائها وابداعها خارج مشهد هذه الجوقات المداحة ومن هنا كما قلت يجب ان يزداد افتخارنا بهم، فليس البطولة ان تكتب وانت في المفنى ما تشاء، انما البطولة ان تكتب وانت في الداخل ولو شيئاً بسيطاً مختلفاً عن الجوقة .. المرايا والتي جمعتها وطبعتها في كتاب قدم له الشاعر الكبير عبد الوهاب البياتي، هي فعلاً شهادة حقيقية وملموسة على كل ما ذكرت .. ليس كل ما قدمته وكتبته للجريدة قد نشر فبعضها لم ينشر وبعضها تم تغيير عنوانه او حذف اشياء منها واذكر مقالة جريئة كتبتها عن شاعر السلطة لؤي حقي تحت عنوان "عن المسدس الذي صار شاعراً" وقد تم استبدال عنوانها بكلمة "البالون" وتم حذف بعض العبارات منها، ورغم ذلك فقد اثارت زوبعة كبيرة.
    اما كيف يستطيع المبدع ان يبتعد عن هموم السلطة ويقترب من هموم الناس فذلك متوقف اولاً على ابداعه وصدقه ونقائه وذكائه وموهبته وعلاقاته وحساسيته وطبيعة اسلوبه ومعالجة موضوعه وتطابقه مع نفسه وثقافته واقترابه من نبض الناس ومعرفته للمناخ الذي هو فيه ومدى حصانته وقدرته على المقاومة وجرأته في الطرح وحساباته الدقيقة لما يقوله .. وطبعاً كل ذلك ليس بالامر الهين بتاتاً ..

  • لنعود إلى الشعر مرة أخرى. مرة تساءل احد القصاصين: لماذا كل هذا الهوس بالشعر في العراق ؟ فأجابه احد الناس البسطاء: في كل بيت عراقي شاعر واذا لم يوجد شاعر، يوجد مستمع جيد للشعر .. ما صحة هذا الرأي؟

  • فعلاً، هذا الرأي الشعبي البسيط اكثر صدقاً وعفوية في تحليل ظاهرة الشعر العراقي، واقول ظاهرة لان ما من امة او وطن في العالم كتب الشعر مثلما كتبه العراقيون كماً ونوعاً، ابتدأ من اول ملحمة شعرية في تأريخ البشرية حتى اخر شاعر عراقي تسعيني وصلتني رسالة منه قبل ايام من بغداد انه باع بيته في هذه الظروف ليطبع ديوانه الشعري بحجم الكف، أي هوس هذا، هوس لا يليق إلا بشاعر من العراق.

  • ألا تعتقد ان الرأي الذي عبر عنه القاص يدخل في باب التنافس بين فن الرواية والشعر، خاصة ان الرواية ليس لها تاريخ طويل في الساحة الادبية العراقية ؟

  • هوس العراقيين بالشعر لا يلغي محبتهم او تعلقهم او ابداعاتهم في القصة او بالرواية او بالفن التشكيلي او بالمسرح، ففي كل محطة ثمة ناس لكن ربما هناك شيء من التناغم بين طبيعة الانسان العراقي والاندحارات التي مر بها والمناحات التي تغنى بها وبين قدرة الشعر على اكتناز كل هذه ببيت شعر او موال لا تستطيع الرواية ان تختصره ضمن تسلسل احداثها وصفحاتها الكثيرة، خاصة وان الانسان العراقي والشارع العراقي والاحزاب العراقية والاحداث العراقية بل والتاريخ العراقي كله في ركض مسمتر ركض لا يتيح لنا حتى التقاط انفاسنا، لا يتيح لنا سوى اطلاق اهة او شتيمة او دمعة او بيت شعر ..

  • ان ثقافة الخارج تحاول ان تكون بديلاً عن ثقافة الداخل، وان كل من لم يكتمل كأديب في بلده لا يحق ان يكون ادبياً خارجه، هذا ما قاله احد النقاد العراقيين المعروفين، اذا اخذنا هذه الاقوال بالارتباط إلى المزاعم التي تزعم: ان الابداع قد توقف في الداخل بعد اضطرار خيره مبدعيه إلى العيش في المنافي، اولاً ما صحة هذه الطروحات، وثانياً الا تعتقد انها تساهم في تعميق حالة التشتت التي يعيشها الوسط الثقافي العراقي الان؟

  • انا ارى ان كلا الرأيين متطرفان، فلا ثقافة الداخل هي البديل ولا ثقافة الخارج هي البديل ايضاً، فالإبداع هو ابن وطنه اينما يكون في الداخل والخارج، وبهذا الرأي لا تستطيع إلا ان تعتبر الشاعر الكبير سعدي يوسف مبدعاً عراقياً سواء عندما كان في الداخل او بعد ان خرج منذ 20 عاماً او اكثر وهذا الامر منطبق على القاص الكبير محمد خضير فهو مبدع في الداخل واذا خرج إلى المنفى في وطنه فأنه سيبقى مبدعاً ولن يزحزحه احد عن عرش الابداع قيد شعره ..
    اما الصغار والهامشيون وهم لأناقة لهم ولا جمل في دنيا الابداع سواء كانوا في الداخل او فروا إلى المنافي .. ولن يفيدهم كل بلاجكتورات النظام في الداخل ولا مقويات ولا فيتامينات الاحزاب في الخارج .. فالمسألة اذاً هي مسألة الابداع اولاً والنقاء والصدق ثانياً والاستمرارية والتواصل ثالثةَّ، وكل ما عدا ذلك قبض ريح واثارة لعاصفة من عجاج في جو هو بالاساس فضاء مشحون بالعجاج.

  • ما سر هذه القطيعة بين القاريء وبين قصيدة الحداثة التي نراها اليوم؟

  • لا حداثة بلا ناس وإلا عدّ ذلك نحتاً في الهواء .. وقد وقع في هذا الوهم الكثيرون حين رأوا في الاقتراب من نبض الناس خروجاً عن الحداثة .. لقد كان ناعور الدم يدور في العراق والدم والخراب يغطي الركبتين وكان قربي صديق شاعر يكتب عن الياقوتة الثالثة والزهرة والهيولى والحوذي .. طبعاً انا لا اطالبه بأن ينهض ويكتب على طريقة اليازجي:
    الا هبّوا واستفيقوا ايها العرب                    فقد طغى الركب حتى غاصت الركبُ
    لقد نزع اراغون رداء السريالية ونزل بقصائده إلى الناس والخنادق بلغة صافية وشعر رائع وجعل من عيون إلزا الجميلة لافتة للصراخ ضد الظلم والقبح، وترك ايلوار مقهى دادا ونثر قصائده من طائرات المقاومة الفرنسية على شوارع باريس ..
    فماذا فعل يا ترى بعض شعرائنا .. لقد قرأتُ مرة لأحد شعرائنا المغتربين الحداثويين الكبار عن فتات الحانة الباريسية وليس في الامر أي غرابة لو لا انني التفتُ إلى التاريخ الذي ذيل به كتابة القصيدة وكان في يوم من شهر اذار عام 1991، وكانت دبابات الحرس الجمهوري قد استباحت جنوب وشمال العراق في مجزرة لم يشهدها التاريخ. وأسأل هل تلوثت حداثة ايلوار حين تغمدت بوحل ودماء شوارع وطنه وهل زعل رولان بارت او مشيل فوكو على اراغون حين تحدث عن الناس والحب والثورة ..
    من خلال هذا المفهوم القاصر اختلط الحابل بالنابل وكثر نحاتوا الهواء الذين لا مادة لديهم ولا موضوع ولا فكرة وانقطعت جسور التواصل بينهم وبين جمهور الشعر والناس.
    ان مهمة الشعراء الحقيقيين دائماً هي اعادة جسر التواصل الرائع بين ضفة الشعر وضفة المتلقي حيث يهدر نهر الزمن ضاحكاً من آلاف الشعراء الذين جرفهم تيار النسيان.

  • ماذا أضافت تجربة الغربة لتجربتك الشعري ؟ بالارتباط مع قول الشاعر الكبير عبد الوهاب البياتي عن المنفى: "العالم منفى داخل منفى والناس رهائن"

  • لقد كنتُ اعيش الغربة وانا في بلدي، وعبرتُ عن ذلك في العديد من القصائد التي كتبتها هناك، وتلك برأي الجاحظ اقسى انواع الغربة وهذه الغربة الروحية لا المكانية فرشت ظلالها على رصيف حياتنا ولوّنت ايامنا بالكآبات والرماد واضاف لها اللون الخاكي الذي لون ايامنا ومدننا كآبة واغتراباً وافتراقاً اخر ممزوجاً بالشهقات الاخيرة التي خلفها اصدقائنا على سواتر الموت ..
    وحين خرجنا إلى المنفى اتسعت هذه الغربة لتشمل المكان والزمان ايضاً .. ويبدو انه قدر آخر يضاف إلى قائمة اقدارنا نحن الشعراء العراقيين منذ اول شاعر بابلي وقف ذات يوم قبل اربعة آلاف سنة على سفوح المنفى بعيداً عن وطنه وهو ينشد له ولذكرياته ولروحه قائلاً:
    "لقد نفتنا الالهة
    لقد نفتنا الالهة
    غرباء حتى عن انفسنا
    نجوس ازمنة التاريخ والمستقبل
    دون قيثارات
    هكذا كان حكمنا الابدي
    رحلة بحارة يعشقون النبيذ"

  • أين موقعك في حديقة الابداع الشعري ؟

  • قريباً من نسخ الزهرة، بعيداً عن السياج، وحيداً في الخطورة، ملتصقاً بالأخرين، مغنياً خارج السرب، منضماً إلى كورال الانين الجماعي، هذه كله من جانب الموقع المناخي للكتابة اما من جانب الموقع الاهتمامي فذلك متروك للقراء اولاً وللنقاد ثانياً ولكتاب التقارير ثالثاً .. وارجوك ان لا تتعجب من "ثالثاً" فهم صدقني اكثر معرفة بمعرفة هذا الموقع في قلوب الناس، لذلك كلما اقترب نص المبدع من نبض القراء وضميرهم كثر كتاب التقارير حوله.


    نشر في مجلة عشتار – استراليا / العدد 23 – تموز 1998

     
    البحث Google Custom Search