أخبار
 
بيلوغرافيا
سيرة قلمية
نصوص
اصدارات
شهادات في التجربة
أقواس قزح
دراسات
مقابلات
مقالات
صور
سجل الضيوف
العنوان
مواقع اخرى
صوت
فديو
 
     
القصيدة اللاحقة | القصيدة السابقة طباعة القصيدة | الرجوع الى اصدارات | الرجوع

مراجعات خاصة جداً...

.... وأحصيتُ كلَّ المسرّاتِ في عمري المتناثرِ، واحدةً، واحدةْ:
الليالي الجميلاتِ، والنهرَ، والصحبَ، والنسوةَ العابراتِ – كما الريح – فوق رصيفِ احتراقي، اللواتي زرعنَ بذورَ القصائدِ في مشتلِ القلبِ، ثم توارين بين زحامِ المدينةِ والحزنِ... مَنْ يقطفُ الزهرَ – يا عابراتُ – إذا أورقَ القلبُ قدّامَ فاتنةٍ..؟.. وذوى – آهٍ – خلفَ الخطى المسرعاتِ.. ومَنْ يشتلُ الشِعرَ – يا عابراتُ – اذا ما تفتّحَ في الروحِ غصنُ القصيدةِ..؟...
                     ثم تكسّرَ في الريحِ
كانتْ مسرّاتُ عمري بحجمِ الأماني التي لا تجيءُ...! بقبضةِ كفين بينهما يرجفُ القلبُ من بللِ الطرقاتِ، وبردِ التسكّعِ في أمسياتِ الحدائقِ...
ثم انتبهتُ إلى وجهها – فجأةً – يسرقُ العمرَ...
يرسمُ في دفترِ الحلمِ أرجوحةً للطفولةِ، منسيةً...
وركضتُ – كحلمٍ يتيمٍ – وراءَ شرائطها البيضِ...
قلتُ: سأسرقُ بعضَ النجومِ التي عُلّقتْ بجدائلها... وسأصطادُ بعضَ الفراشاتِ، ثمَّ اخبّئها.. بين كرّاسةِ الرسمِ، والقلبِ...!
لكنها...! غافلتني...
......
......
وأحصيتُ كلَّ المرارات:
بيتاً قديماً، تناسلتِ الكدماتُ على وجههِ، وزقاقاً تلوّى كأفعى، تعرفتُ فيه على القملِ، والأصدقاء
كان يفضي إلى النهرِ أو للمدينةِ..
أو كان يفضي الى مخفرٍ فاغرِ الفاهِ.. أو للسماء
وما بيننا والزقاق، براءةُ كلِّ الطفولةِ، والبوحُ، مستنقعٌ للسباحةِ، شَعرُ البناتِ،.. ونافذةٌ للتسلّقِ والحلمِ...
أحصيتُ كلَّ السنين الحزينةِ، يوماً، فيوماً. وكنتُ أقطّرُ عمري – على دفترٍ مدرسيٍّ – دواةً، ودمعاً، ونهراً صغيراً تغني الصبايا على جرفهِ
وأشربُ وحدي عصارةَ حزنِ النساءِ اللواتي، تركنَ أمامَ الحدائقِ قلبي حزيناً، شريداً، يطاردُ خيطاً رفيعاً من العطرِ، أو موعداً لا يجيءُ...!
وأحصيتُ كلَّ ليالي التشّردِ في الطرقاتِ الخليّاتِ، والشعر والجوع...
كلَّ المخاوفِ إذ يطرقُ البابَ.. وجهُ المفوّض..
كلَّ المدارسِ تلك التي قابلتني بكلِّ برودٍ، وتلك التي طردتني
لأني بدون حذاءٍ
وكلَّ الدوائرِ إذْ يدخلُ الخوفُ قبلي،
يقابلُ وجهَ المديرِ...
ويتركني والعريضةَ لصقَ انفراجةِ بابِ المديرِ...
وكلَّ المطاعمِ، والمكتبات، التي تعرفُ الآن وجهَ الفضوليِّ من بين كلِّ الزبائنِ..،
كلَّ الصديقاتِ، كلَّ المقاهي، وكلَّ القصائدِ، تلك التي قاسمتني التسكّعَ والحزنَ والخبزَ...،كلَّ الوظائفِ، كلَّ الجرائدِ، كلَّ الشوارعِ، كلَّ التفاهاتِ، كلَّ المصاطبِ، كلَّ المخافرِ، كلَّ الشواطيءِ، كلَّ المواجعِ، كلَّ الحماقاتِ، كلَّ الكراريسِ، كلَّ رفوفِ المكاتبِ، كلَّ المزابلِ، كلَّ المواويلِ، كلَّ السماواتِ، كلَّ العماراتِ، كلَّ الـ....
..........
.........
........
وأحصيتُ!.. أحصيتُ!.. أحصيتُ..
حتى انتهيتُ إلى آخر الورقةْ
.... دون أن أنتهي....
فبكيتْ!

9/5/1984 الكوفة


* ترجمها إلى مجلة "بيان" الكردية الأديب طارق صديق الكاريزي ع 115 كانون الثاني 1986


القصيدة اللاحقة | القصيدة السابقة طباعة القصيدة | الرجوع الى اصدارات | الرجوع
 

البحث Google Custom Search